بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: ٍٍسوكماهادي الإندونيسي
المطلب الأول: تعريف الدين.
المبحث االأول: مفهوم كلمة الدين.
مفهوم كلة الدين " في اللغة: وجد
لها معاني كثيرة مختلفة, قد لا نخرج منها بطائل, وهو الذي جعل شيخنا العلامة
الدكتور محمد عبد الله دراز يعلن ضيقه بالمعاجم العربية التي لا تعطي مفهما حامسا في هذا الأمر
وأمثاله.
ولكن شيخنا وجد: أن المعاني
الكثيرة تعود في نهاية الأمر إلا ثلاثة معان تكاد تكون متلازمة, بل نجد أن التفاوت
اليسير بين هذه المعاني الثلاثة مرده في الحقيقة إلى أن الكلمة التي يراد شرحها
ليست كلمة واحدة, وأنها تتضمن ثلاثة أفعال بالتناوب:
بيانه : أن كلمة الدين تؤخذ تارة من فعل
متعد بنفسه " دانه يدينهه" وتارة من فعل متعد بالام "دان له"
وتارة من فعل متعد بالباء "دان
به" وبالإختلاف إشتقاق تختلف الصورة المعنوية التي تعطي الصيغة:
1.
فاذا: قلنا "دانه
دينا" عنينا بذالك أنه كلمه, وحكمه, وساسه, ودبره, وقهره, والمحاسبة والمجازة
. ومن ذالك: "مالك يوم الدين" (الفاتحة:4) أي يوم المحاسبة والجزاء. وفي
الحديث: "الكيس من دان نفسه", أي حكمها وضبطها.
2.
واذا قلنا: دان له"
أردنا أنه أطاعه" وخضع له. فالدين هنا هو الخضوع والطاعة, والعبادة والورع. وواضح أن هذا المعنى ملازم للأول ومقطوع له.
"دان فدان له" أي قهر على الطاعة فخضع وأطاع.
3.
واذا قلنا: "دان بالشيء" كان معناه أنه اتخذه دينا ومذهبا, أي اعتمده أو
أو اعتده أو تخلق به".
ولا يخفى أن هذا الإستعمال الثالث تابع أيضا اللإستعمالين قبله,
لأن العادة أو العقيدة التي يدان بها, لها من السلطان علي صاحبها مايجعله ينقاد
لها لها, ويلتزم اتباعها.
المبحث االثاني: مفهوم الدين.
على
أن المعنى اللغوي لا يعطينا تماما: المفهزم الذي يعرفه الناس ويستخدمونه في
أعرافهم ومصطلحاتهم, وقد عرفه بعض العلماء الإسلاميين بتعريفات متقاربة.
فقال
ابن الكمال: "الدين وضع إلهي يدعو أصحاب العقول الى قبول ماهو عن
الرسول. وقال غيره: وضع الهي سائق لذوي
العقول باختيارهم المحمود الى الخبر بالذات.[1]
المبحث االثالث: مفهوم كلمة "الدين" في القران.
و
من تتبع كلمة "الدين" في القران الكريم, معرفة أو منكرة, مجردة أو مضافة
: يجد لها معاني كثيرة يحددها السياق. فأحيانا يراد بها الجوزاء , مثل: (مالك يوم
الدين) الفاتحة 4). [2] وأحيانا يرادد بها: الطاعة, كما في قوله تعالى
"وأخلصوا دينهم لله".[3]
المبحث االرابع: الدين والإسلام"
ومن
الضروري هنا أن نقرر: أن مفهوم كلمة "الدين" ليس هو مفهوم كلمة
"الإسلام" كما يتصور ذالك من
الكتاب المعاصرين. نعم يمكن أن يكونا شيئا واحدا, اذا أضفنا الدين الى الإسلام أو
إلى الله, فنقول "دين الإسلام" جاء كذا بكذا, أو هو الدين الذي بعث الله
به خاتم رسله: محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل به أخر كتبه: القران الكريم".
و لكن اذا ذكرت كلمة
"دين" مجردة من الإضافة أو
الوصف, فهي أضيف مفهوما مامن كلمة الإسلام, لأن "الدين" في الحقيقة إنما
هو جزء من الإسلام. ومن هنا رأينا الأصوليين
والفقهاء وعلماء المسلمين يقسمون المصالح التي جاءت شريعة الإسلام لتحقيقها في الحياة الى: الضروريات التي
لا تقوم حياة الناس الا بها في خمسة أشياء," وهي الدين والنفس والعقل والمال.
وأضاف بعضهم سادسة, وهي: العرض.
فالشريعة
الإسلامية من مقاصدها الأساسية" أن تقام الدين "الدين" وتحافظ
عليه, لأنه سر الوجود, وجوهر الحياة, ومن أحله خلق الله الناس, كما قال
تعالى: "وما خلقت الجن والإنس الا
ليعبدون " (الذريات: 56). [4]
المطلب الثاني : تعريف
السياسة.
المبحث الأول: مفهوم كلمة السياسة.
لغة واصطلاحا: " السياسة في اللغة : مصدر ساس سياسة).
فيقال: ساس الدالدأبة أو الفرس: اذا قام
على أمرها من العلف والسقي’ والترويض والتنظيف وغير ذالك".
وأحسب
أن هذا المعنى هو الأصل الذي أخذ منه سياسىة البشر" فأن الإنسان بعد أن تمر س
فس سياسة الدواب, ارتقي الى سياسة الناس, وقيادتهم في تدمير أمورهم. وساس الأمر
سياسة: قام به. والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحهه.[5]
وحسب معجم " كامل" : تتعلق
السياسة بالحكم والإدارة في المجتمع المدني " وطبعا لمعاجم العلوم
الإجتماعية: تشير السياسىة الى :"
أفعال البشر التي تتصل سشوب الصراع أو حسمه حو ل المصالح العام" واللتي سضمن
: استخدام القوة, أو النضال في يسبلها."
المبحث الثاني : كلمة السياسة لم ترد في القران.
كلمة
"السياسة" لم ترد في القرأن
الكريم, لا في مكيه, ولا وفي مدينه, ولا أي لفظة مشتقة منها وصفا أو فعلا. ومن قرأ
" المعجم المفهرس لأافاظ القرأن الكريم, يتبين له هذا, ولهذا لم يذكرها
الراغب في "مفرداته". ولا "معجم ألفاظ القرأن " الذي أصدره
مجمع اللغة العربية.
وقد
يتخذ بعضهم من هذا دليلا على أن القرأن أو الإسلام- لا يعني بالسياسة ولا يلتفت
اليها. ولا ريب في أن هذا القول ضرب من
المغالطة, فقد لا يوجد لفظ ما ما في القرأن الكريم, ولكن معناه ومضمونه مبثوث في
القرأن.
ومثل
ذالك كلمة "الفضيلة" لا تو جد في القران الكريم, ولكن
القران, مملوء من أوله إلى أخره با؛ث على الفضيلة.
فا لقران وان لم يجيء بلفظ "السياسة"
جاء بما يدل عليها, وينبيء عنها, مثل:
كلمة "الملك" الذي يعني حكم الناس وأمرهم ونهيهم وقيادتهم في أمورهم. جاء ذالك في القران بصيغ
وأساليب شتي, بعضها مدح, وبعضها ذم. فهناك الملك العادل, وهناك الملك الظالم,
الملك الشوري, والملك المستبد.
وذكر من ال إبراهيم: يوسف الذي نجي ربه
فقال: " رب قد أتيتني من الملك). [7]
المطلب الثاني: العلاقة بين
الدين و السياسة عند الإسلاميين والعلمانيين.
اذا
عرفنا مفهوم كل من الدين والسياسة: أممكننا أن نفهم علاقة كل منهما بالأخر, هل هي
علاقة تضام وتصادم, بحيث اذا وجد احد هما انتفى الأخر....؟؟ أو هي علاقة تواصلوتلاحم, بحيث لا يستغني أحدهما
عن الأخر, ولا ينفصل عن الأخر...؟؟
كما يتفاهم الشخصان المختلفان- دينا أو
مذهبا أو عرقا أو وطنا- على عمل مشترك بينهما أو كما تتفاهم الدول المختلفة
أيديولوجيا على التعايش السلمي المشترك.....؟
المبحث االأولال: موقف العلمانيين
أما الحادثيون والما كسيون,
فلا يرون العلاقة بين الدين والسياسة إلا علاقة التضاد والتصادم, وأن الدين شيء,
والسياسة خصم له, وأنهما لا يلتقيان. فالدين من الله, والسياسة من الإنسان,
والدين نقاء واستقامة وطهر, والسياسة خبث والتواء وغدر.
وهذه المقدمات كلها غير
مسلمة على علاتها, فمن السياسة ماهو مأمور به من الله’ ون السياسة ماليس خبثا ولا التواء ولا غدرا, بل
استقامة على منهج الأخلاق’ ومن السياسة ماينبغي به الأخرة ومثوبة الله تعالى).
وقد رتبوا على هذا أثارا
فكرية وعلمية تبنوها, وجعلوها مرتكزات لهم, منها:
1.
فصل الدين عن السياسة
والسياسة عن الدين, وإشاعة مقولة: "لا دين في السياسة ولا سياسة في
الدين".
2.
إنكار فكرة "شمول
الإسلام" التي يتمسك بها الإسلاميون.
3.
التشجيع على دعاة تحكيم
الشريعة الإسلامية بتهمة الإسلام السياسي.
4.
ادعاة أن الدين يفسد
السياسىة بحرية النصوص, ول يعول على المصلحة, وبذالك يفوت على الأمة مصالح كثيرة
بسبب هذه النظرة الضيقة.
المبحث الثاني: انكار فكرة "شمول
الإسلام"
أما مسألة "شمول
الإسلام" التي ينكرها ويرفضها الحداثيون العلمانيون والماركسون بصفة عامة,
فهي فكرة متفق عليها بين علماء الإسلام ومصلحيه كما يحدثنا بذالك واقع عصرنا.
وقد
رأينا المصلحين الإسلاميين في العصر الحديث, ابتداء بابن عبد الوهاب, والمهدي,
وخير الدين التونيسي, والسنوي, وعلال الفاسي في المغرب’ وغيرهم كلهم يتبنون شمول
الإسلام للعقيدة ةالشريعة, والدوعة ةالدولىة, والدين والسياسة.
1-
شمول تعاليم الإسلام
أن الإسلام الذي شرع الله لم يدع جانبا
من جوانب الحياة إلا وتعهده بالتشريع والتوجيه, فهو بطبيعته, شامل لكل نواحي
الحياة, مادية وروحية, فردية واجتما عية. وقد اطب الله تعالى رسول تعالى : "
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدي ورحمة وبشرى للمسلمين.[8]
فهذه الأمور كلها مما كتبه
الله على المؤمنين أي فرض عليهم: الصيام من الأمور التعبدية, والقصاص في القوانين
الجنائية , وغيرها. إن الشريعة الإسلامية
حاكمة على جميع أفعال المكلفين, فلا يخلوا فعل ولا واقعة من الوقائع الا ولها فيها
حكم من الأحكام الشرعية الخمسة (الواجبة,
أو الإستحباب, أو الحرمة, أو الكراهية, أو الإجازة). كما قرر ذالك الأصولييون والفقهاء من كل الطوائف والمذاهب المنتسبة الى
الملة.
فالإسلام هو رسالة الحياة كلها, ورسالة الإنسان كله, كما
نبه رسالة العالم كله, ورسالة الزمان كله.[9]
2-
الإسلام يرفض تجزئة أحكامه.
أن
الإسلام نفسه يرفض تجزئة أحكامه وتعاليمه, وأخذ بعضها دون بعض.
وقد اشتد القران في انكار هذا المسلك
على بني اسرائل, فقال تعالى في خطابهم
" أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذالك منكم الا خزي في
الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب
ومالله بغافل عما تعملون" [10]
وخاطب الله سبحانه رسول الله صلى اللع عليه وسلم فقال: "وأن احكم بينهم
بما أنزل الله تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتوك عن بعض ماأنزل الله إليك)[11]
فهنا
يحذر الله رسوله من غير المسلمين: أن
يصرفوه عن بعض أحكام الإسلام, وهو خطاب لكل من يقوم بأمر الأمة من بعده. والحقيقة أن تعاليم الإسلام وأحكامه في العقيدة
والشريعة والأخلاق والعبادات والمعاملات: لا تأتي أكلها إلا إذا أخذت متكاملة, فإن
بعضها لازم لبعض, وهي أشبه "بوصف طبية". كاملة مكونة من غداء متكامل,
ودواء متنوع, وممارسة لبعض التمرينات .... فلكي تحقق هذه الوصفة هدفها, لابد من
تنفيذها جميعا. فان ترك جزء منها قد يؤثر في النتيجة كلها.
المطلب الثاني: فصل الدين
عن السياسة
المبحث الأول: لا دين في السياسة
فما
معني: لا دين في السياسة: أن السياسة لا دين لها فلا تلتزم بالقيم والقواعد الدينية, وإنما هي
"براجماتية" تتبع المنفعة حيث كانت, والمنفعة
المادية, والمنفعة الحزبية أو القومية, والمنفعة الأنية, وترى ان المصلحة المدية
العاجلة فوق الدين ومبادئه, وأن "الله" وأمره ونهيه وحسابه, لا مكان له
في دينا السياسة.... ؟
إن السياسة حين ترتبط بالدين, تعني:
العدل في الرعية, والقسمة بالسوية, والإنتصار للمظلوم على الظالم, وأخذ الضعيف حقه
من القوي, وإتاحة فرص متكافئة للناس, ورعاعية الفئات المسحوقة من المجتمع: كا
اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ,
ورعاعية الحقوق الأساسية الإنسان بصفة عامة.
ان
الدين الحق في السياسة ليس: كما يصوره
الماديون والعلمانيون – شرا على السياسة, وشرا على الدين نفسه.
المبحث الثاني : لا سياسة في الدين.
وما
معني "لا سياسة في الدين" أن الدين لا يعني بسياسة الناس ألبتة, ولا
يشفل نفسه بمشكلات حياتهم العامة, وتدبير أمورهم المعيشية, وعلاقة بعضهم ببعض,
فصذا ليس بصحيح. فكل الأديان توجهات في هاذا الجانب, تقصر في دين , وتطول في
أخر. والإسلام هو أطول الأديان باعا في
هذا المجال, وله في ذالك نصوص كثيرة من القران و السنة, وله تراث حافل من فقه
الشريعة, وشروح مذاهبها, واختلاف مشاربها.
1]
سوكماهادي الإندونيسي طالب الما ستر فقه النوازل المعاصرة كلية الأداب والعلوم الإنسانية مراكش- المملكة المغربيىة |
0 komentar :
Posting Komentar